هل وصلت رسائل التسعينات؟

كان الموريتانيون في تسعينات القرن الماضي (خاصة الشباب) يبعثون برسائل لأصدقاء افتراضيين في دول عربية مختلفة عبر البريد.

يكتب الشاب رسالة ورقية يطرزها بعبارات المشاعر، والود والحب، ثم يتوجه إلى نقطة البريد لإرسالها إلى بلد عربي، دون معرفة مسبقة بصاحب صندوق البريد الذي بعث إليه، ثم يعيش فترة انتظار تدوم أحيانا عدة أشهر.

في انتظار وصول جواب من الطرف الآخر، يواظب “صاحب المشاعر” على عيادة نقطة البريد كلما سمحت الفرصة للاستفسار عن بريد وارد.

قليلون وصلهم بريد من أصدقائهم الافتراضيين، أتذكر ذلك المساء الدافئ في مدينة “بتلميت” الذي كان فيه محمد احمد يقرأ رسالة صديقه المصري بفرحة تعبر عنها حركاته القريبة من الرقص، كان يقرأ بنبرة المنتصر، وحنين العاشق، وتواجد المتصوف، ثم ختم الرسالة بأمنية ضمنها صديقه الجديد رسالته طلب فيها من محمد احمد إرسال قطع نقدية من العملة الموريتانية.

وضع صديقي الرسالة على أنفه وأخذ نفسا عميقا ثم بدأ في طيها، ودون أن أعرف سبب هذه الحركة، بادرني بالسؤال ماذا تقترح؟ أي قطعة أنسب؟

فاجأني السؤال وبدأت أفكر في “جيب” صديقي وماذا يمكن أن يحوي، قلت باعتزاز: 20 أوقية.
لا.. لا هذا قليل إنه صديقي ولايمكن أن أقابله بهذا المبلغ، رد محمد احمد الذي طلب مني للتو 5 أواق لإعطائها لسيدي الذي يغرم أطفال الحي!

قرر صديقي التحايل على أمه لأخذ 500 أوقية ثم أرسلها لصديقه الجديد، لم ينتظر كثيرا هذه المرة جاءه الرد سريعا، باقة ورد، ورسالة مطرزة بالشكر والامتنان مع عبارة “يسعدني التعرف على جميع القطع النقدية في بلدك موريتانيا”.

واصل محمد احمد إرسال القطع النقدية وواصل صديقه المصري الرد على رسائله بعبارات أكثر أناقة ورومانسية.

كان محمد احمد من بين المحظوظين القلائل الذين وصلهم رد على رسائلهم الكثيرة التي بعثوها لأشخاص متعددين في بلدان مختلفة.

فمن كان يرد على رسائل صديقي؟ وهل وصلت رسائل الآخرين؟

الشيخان سيدي

الوسوم
زر الذهاب إلى الأعلى