الداه سيدي…كفاح من أجل البقاء
يتذكر الميشلاني الداه ولد سيدي جيدا أيامه الأولى في مواجهة فيروس كورونا ، حيث علم من خلال مذياعة بقرار الداخلية القاضي بالتطبيق الصارم لحظر التجول على كافة التراب الوطني ، قرار لم يكن الداه يوليه كبير اهتمام وهو العامل في محل ميشلان بركن قصي من العاصمة ، لكن ماتبعه من إجراءات مثل الإغلاق العام حال دون سفر كان ينويه صوب قريته في الشرق الموريتاني للهروب من فيروس كورونا وتبعاته صعب الحال كما يقول
القرار المفاجئ لم يترك للداه خيارا غير مواجهته وبموارد أقل عما كانت عليه سابقا ، ضرورة الإحتراز في وقت العمل للحفاظ على صحته جعلته يضاعف مستوى النظافة داخل محله على الأقل ، فلا حاجة للكمامة عنده وهو الذي لايكاد يفارق لثامه ، دخله اليومي الذي “كان يتراوح مابين 4500 و 5000 أوقية قديمة تقلص إلى النصف تقريبا ولم يعد يغطي المصاريف التي من بينها الإيجار المرتفع حيث نؤجر هذا المحل ب 20 ألف أوقية قديمة شهريا إضافة لرسوم البلدية والمصاريف المنزلية ، أحيانا أصبحت مضطرا لأخذ سلفة من أحد المعارف للإيجار لأعيدها له لاحقا ، ولم تصلنا أي مساعدات حكومية سمعناهم فقط يتحدثون عن ذلك في المذياع وعن أرقام المستفيدين ، لكننا لم نكن من ضمنهم .
فترة الإغلاق كانت طويلة جدا ولو زادت على ذلك لما عرفنا كيف سنتعامل معها لقد كانت الأمور تزداد سوءا وأصبح من الصعب تأمين قوت يومي ” يقول الداه
ما تعرض له ولد سيدي إبان تطبيق الإجراءات الإحترازية ضد فيروس كورنا ينسحب عل كافة العاملين بالقطاع غير المصنف الذين وجدو أنفسهم فجأة في مواجهة كورونا من جهة والإجراءات المصاحبة لها من جهة أخرى خاصة حظر التجول الذي يرى فيه أغلب العاملين خسارة كبيرة لهم “وتأثرات أكبر حيث أن القطاع غير المصنف يحوي قرابة 80% من الموريتانيين ، وقد يكون عمال الميشلان أقلهم تضررا إلا أن انخفاض نشاط الدورة الإقتصادية ينعكس عليهم بشكل واضح مما يقلص دخلهم المحدود أصلا ، وقد كانت تشكل الجائحة فرصة كبيرة للدولة الموريتانية لتسجيل هذه الفئة العاملة ضمن الدورة الإقتصادية ودعمها مستقبلا كما يرى خبير الإقتصاد إمم ولد إنفع “
دعم لم يجد له الداه طريقا ، فبحسب تعبيره كان” يكابد الصعوبات نهارا من أجل قوت عياله ”
التأثيرات الإقتصادية للجائحة تنعكس هي الأخرى على الحياة الإجتماعية وهو مايؤكده خبراء إجتماعيون ، يقول الدكتور وأستاذ علم الإجتماع بجامعة انواكشوط عبد الله ولد أحمدفال ” إن التفكير في طريقة العيش في ظل الجائحة بحد ذاته يطرح إشكالا بالنظر إلى التكاليف المادية الصعبة وظروف الإغلاق العام أمور قد تدفع الفرد إلى الإحباط والإنهيار ، خاصة ان الأمر متعلق بانقطاع مورد الرزق الذي تشترك فيه عادة عدة أسر ، وهو مايعطي صورة مكبرة عن عاناه ويعانيه بعض العاملين في القطاع غير المصنف ، فالحظر طويل الأمد وتوقف الأنشطة الاقتصادية وتزايد حاجيات الأسر وعدم قدرة الفرد على تأمينها أمور قد تشكل مصدرا للقلق والإحباط ويمكن أن تنجم عنه مشاكل مثل العنف الأسري ، ولكن لاننسى أن هذه التأثيرات تختلف من شخص لآخر ”
عام ويزيد على الإغلاق العام الذي يتحدث عنه الداه ويتذكر كل تفاصيله التي عاشها ، بعض تلك التفاصيل المتعلق بالتدخل الحكومي والإعانات يراها حقوقيون “دون المستوى وأقرب للاستهلاك الإعلامي منه للواقع الذي يلامس حياة المواطن ، فحتى فواتير الماء والكهرباء التي أعلنت الحكومة عن تحملها لم يتم إعفاؤها ، ولم يتم التنبه لذوي الدخل المحدود مثل “نموذجنا” وهو مايتنافى مع تأمين حقوقه كمواطن بسيط ، وليس فقط هو بل كافة العاملين في القطاع غير المصنف وهو مايستلزم على السلطات توفير وسائل عيش له تحفظ له حقوقه وكرامته” يقول الناشط الحقوقي حمزة جعفر مضيفا ” لقد أنهك كورونا اقتصادات العالم وانعكاسه في موريتانيا أكبر على المكونات الضعيفة والفئات الهشة ”
حسب إحصائية شبه رسمية فإن العاملين في القطاع غير المصنف يقارب 80% أغلبها من فئة الشباب والمعيلين ، أصناف وجدت أنفسها في مواجهة “غير رحيمة” مع فيروس كورزنا وتبعاتها وما صاحبه من إجراءات إحترازية فرضتها الظرفية دون وجود مساعدة حكومية كما يقول البعض.
أشهر بعد الإغلاق وبدأ الداه يتعافى تدريجيا على كافة المستويات وتحديدا مستوى الدخل ، مؤملا الكثير في ماهو قادم
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH/JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية الكندية
تقرير عبد الله علي