طراز جديد من الحكم يؤاخي بينكم/ محمد الشيخ سيدي محمد

إنها سُنَنٌ عديدةٌ سُنَّتْ في نمط القيادة والحكم في الجمهورية الإسلامية الموريتانية منذ انتخاب قائد حكيم قوي في أفعاله، أمين في أقواله، واقعي في رؤاه، مقنع في حواراته، متواضع في علم السلوك، لا يقبل مدح المصفقين، ولا تهور المتهورين.

لم تعد لعبة الصخب ونشر الأكاذيب تجد آذانا صاغية لديه، ولم تعد بضاعة مافيا التغول بالشعارات والتحامل “تشعشع”. هذه سُنُنٌ جديدةٌ أحياها الرجل القادم من معادن التجارب، ومعترك إدارة الأزمات والملفات المتعددة.

نحن شعب فقير لأننا لا نملك اكتفاءً ذاتيا في مجال الغذاء، ولا منظومة صحية تؤمن ضعفاءنا من الأوبئة ، ولا تعليما ذا جودة يخرج طاقات تصلح للصناعات من الفحم إلى النفط والغاز.

نحن شعب فقير لأننا لا نملك نخبة تغيير، أو نخبة تفكير، بل كنا ولا نزال ضحية نخب تبرير، ونخب تدوير لكل العقليات البالية، والأفكار الرجعية، والتزلف للنخب القبلية والجهوية والشرائحية والنفعية.

نحن شعب فقير لأن شبابنا يهاجر، والكفاءات في بلدنا تتصارع أو تُطارَد أو تُحارَب؛ إننا نعاني من معضلة كبرى وهي فقر الأخلاق عند منظومتنا السياسية التي لا تقبل أحزابها التداول، ولا تقبل أطرافها التحاور المجدي؛ فالبلد يملك الآن رئيسا يجمع ولا يفرق، يحاور ولا يقصي، يدفع السيئة وسوء الظن بالتي هي أحسن، لكن يده لا تصافح قوماً مردوا على النفاق أو تدافعوا في الشقاق.

لا تجد المشاريع المنفذة في صمت ولصالح الجميع، من ينظر إليها بموضوعية أو يقومها بعقلانية، أو يقبل الاعتراف بجدوائيتها، لأن الطرفين منقسمان بين باحث عن التفرد بالسلطة، أو مهووس بالتندر لينال قسطا من الكعكة!

للأسف هذا العالم يتغير بسرعة، ونحن لا تأخذ الدروس إلا متأخرين جدا! أنتم بلد الثروات وبلد الأمجاد، الثروات البشرية وأمجاد العلماء والحكماء أقصد ، لكن هل يصح بناء بلا مبانٍ ولا معانٍ، أيها الأحرار؟

الغزونة طراز جديد من الحكم، يؤاخي بينكم بعد ستين سنة من الحروب العبثية، والحروب بالوكالة ، يحتاج تجار الحروب هؤلاء إلى تغيير لأن أسلحتهم، أصابها الكساد، فلا بائع ولا مشتري في أسواق النخاسة تلك ؛ الغزونة لا تَحْمِي مُفسدا، ولا تسمعُ أفَّاكاً، ولا تَحْكُمُ ببهتان، وهذه أسلحة ثلاثة للتجار الذين ملكوا السلط المنهارة، وأسواق الربا، والرشوة، والتطاول في البنيان.

حمل ثقيل لـ61 سنة من تصريف مفاعيل الأضداد يحاول الشعوبيون تحميلها سنتين من “لم الشمل” و”الدفع بالحسنى”! مالم يحققه الصدق، لا يمكن أن يحققه “صراخ هلك هالك”، وما لم يحققه الإجماع الوطني الرزين، لا يمكن أن يحققه اللاعبون، اللاغون، المتنابزون بالألقاب والمُكُوسِ.

غريب أمر المرتكسين، لا يخرجون من معركة خسروها، إلا فتحوا أخرى ابتدعوها، كأنهم لم يروا نجاحات موريتانيا نجاحات موريتانيا الدبلوماسية في المنطقة، أو نجاحاتها الصحية في محاربة كوفيد-19؛ والجيوسياسية في مجالات الأمن الرقمي والاقتصاد الاجتماعي الموجه لخدمة فقراء البلد ومغبونيه ومطحونيه، وتعزيز مناخ التشاور الوطني الموسع. إن بلدنا يُساس بقوة هادئة، لا بسياسات التَّوتير والتهميش.

لذلك نقول للجميع؛ هذا النظام في المركز، وفي الأطراف مشروع الموريتانيين جميعا، ويحتاج الى أبنائه في الداخل وفي الخارج، وإلى جميع جهودهم، وجميع قدراتهم، وفي هذا الوقت بالذات، وتلك هي الرسالة المختصرة التي قالها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مرارا وتكرارا، وأعادها أمام سكان ولاياتنا وأمام جالياتنا في كل زياراته، ومصارحاته، وخرجاته الإعلامية؛
علم ذلك من علمه، و جهله من جهله، قبله بلسان مبين من قبله، و صد عنه ليًّا بلسانه من أعرض عنه”.
“إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ” الآية.

أنتم جميعا شركاء وطن، لا يباع ولا يشترى بمثمون أو بثمن؛ الرائد لا يكذب أهله.

بقلم:
محمد الشيخ ولد سيد محمد /أستاذ وكاتب صحفي

الوسوم
زر الذهاب إلى الأعلى