المحظرة الشنقيطية الكبرى: طموح كبير وحصيلة مشرفة
أُنشئت جامعة المحظرة الشنقيطية الكبرى في فبراير 2019 بموجب مرسوم صادق عليه مجلس الوزراء نص على أنّها “مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي والتربوي وتعنى باستيعاب المتميزين محظريا لترسيخ وترقية المحظرة الموريتانية.”
أُنشئت تلك الجامعة ضمن سياسة تهدف للامركزية في التعليم العالي في البلاد، وفي إطار تعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة التي دعمت وواكبت نشأة جامعة المحظرة الشنقيطية الكبرى تقديرا لبلادنا ولإرثها المحظري الذي وصل إشعاعه أصقاع الدنيا.
جاءت النشأة في ظروف صعبة فقد تزامنت مع جائحة كوفيد 19؛ ومع ذلك أصرّ طاقم الجامعة على ألا تتأخّر انطلاقة الدروس من أجل الوصول للطموح الكبير ألا وهو تكوين علماء موسوعيين على غرار علماء المحظرة ومسلّحين بأدوات وتقنيات البحث العلمي ويحملون أعلى الشهادات.
جُهدٌ مبارك ومُخلصٌ مكّن من تخريج الدفعة الأولى من حملة الليصانص من جامعة المحظرة في العام 2023 وتتواصل تلك المسيرة المباركة في تحقيق النتائج الطيّبة، سواء كان ذلك على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي حيث تم ابرام جملة من الاتفاقيات والتعاون والشراكة مع جامعات عريقة عديدة فى مختلف أصقاع المعمورة.
أما الذين ينكتون على قلة طلاب الجامعة فلعله قد فات عليهم أن العبرة بالكيف لا بالكم، وأن مؤسسة المحظرة الشنقيطية الكبرى وريثة المحظرة الشنقيطية وجرت العادة أن خريجي المحاظر العتيقة لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة لكنهم يعادلون عشرات بل مئات غيرهم، ثم إنه لايحكم على المؤسسات الناشئة من خلال دفعة واحدة أو سنة أو سنتين وإنما الحكم عليها يتم عن طريق تجربة متراكمة.
تلك التجربة التى تمكّن خلالها الدكتور الشاب بأكاديميته وفطنته الإدارية وحصافته الفنية والشيخ بعلمه ومهارته فى العلوم الشرعية واللغوية الدكتور تقي الله ولد الطالب جدو من وضع الحجر الأساس لها من خلال تلك المنشأة العلمية الأكاديمية التى تمد الجسور بين تراثنا المحظري الثري والتنظيم الأكاديمي الجامعي، فكانت: جامعة المحظرة الشنقيطية التي ولدتْ في بيئة كانت مركز إشعاع علمي على مدى قرون. فمنها بزغ نجم آل محمد سالم ولمجيدري ولد حب الله والفقيه أشفغ الخطّاط والشيخ محمد المامي وغيرهم كثير.
تجربة ناحجة جعلت من الدكتور تقي الله ذاك النجم الساطع والعلم العالم والإداري المحنك الذي لن يضرّه كيد الكائدين ولا حسد الحاسدين، أجل كيد الكائدين الطامعين لأخذ منصبه وقطف ثمار عمله الدؤوب خدمة للدين وطلاب العلم، والوطن، وحسد الحاسدين من شيعة المؤسسات النظيرة والتى لاحظت تقدم مؤسسة المحظرة عليها رغم الفارق الزمني الشاسع بينها.
بيد أن كل تأسيس صعب ولاسيما تأسيس المؤسسات الأكاديمية بما تحتاجه من إمكانيات مادية وبشرية ولوجستية، وقد كسب الدكتور تقي الله ذلك الرهان فأصبحت تلك الجامعة جوهرة نفيسة في عقد مؤسسات التعليم العالي ببلادنا وإن كانت من آخرها ميلادا.
فهنيئا لطاقم المحظرة الشنقيطية الكبرى الإداري والتربوي على العمل المتميز، وهنيئا للمؤسسة بهذا التميز الرائع وبحصيلتها المشرفة فى ظرف زمني وجيز.
بقلم الدكتور سيدي الشيخ محمد المختار